الاثنين، 28 نوفمبر 2011

الشعراء النصارى



منقول

الشعراء النصارى


وحديثنا عن الشعر النصراني، مستمد من الموارد الإسلامية. أما النصوص الجاهلية، فليس فيها أي شيء عن هذا الموضوع. وأما النصوص الأعجمية، فلم تحفل به أيضاً، ولم تتطرق الموارد الإسلامية إلى الشعر نفسه، من حيث طبيعته ومادته، وما امتاز به عن الشعر الوثني، أو شعر الشعراء اليهود، وما سنذكره عن الشعراء النصارى، مستمد من أسماء آبائهم ومن أسمائهم التي تدل على كونهم من النصارى ومن الشعر المنسوب إليهم.

والشعراء النصارى الذين نص على نصرانيتهم أهل الأخبار، مثل "عدي بن زيد" العبادي، أو لم ينص على نصرانيتهم، وإنما يفهم من شعرهم ومن مواطنهم انهم كانوا نصارى، هم من الحضر، من سكان القرى ومن قبائل اشتهرت بتنصرها، وقد وجدت النصرانية سلبيتها إلى مواطن الحضر والأعراب فأقامت "بيعاً" وكنائس للتبشير بالنصرانية، ولتعليم أتباعها أمور الديانة، وللإشراف على إدارة شؤونهم الدينية، وقد كان أكثر من قام بالتبشير من غير العرب في بادئ الأمر، من روم ومن "بني إرم"، ثم انضم إليهم رجال دين عرب، كانوا قد تعلموا النصرانية في المدارس، وأظهروا فهماً ونباهة فيها، فعينوا مبشرين ومعلمين لتعليم العرب والأعراب أصول النصرانية، ولنشرها في جزيرة العرب، وكان من المبشرين من ينتقل مع الأعراب، لهم خيامهم، يرتحلون بها من مكان إلى مكان، فعرفوا لذلك برهبان الخيام.

"وكانت تنوخ في المرتبة الأولى بين عرب البادية الذين عرفوا النصرانية قبل الإسلام بزمن طويل. وقامت جماعة تنوخ على أساس حلف عقده بنو فهم وبنو تيم اللات مع قبائل من النزاريين وغيرهم. ومن شعراء تنوخ أسد بن ناعسة التنوخي، الذي كان معاصراً لعنترة، وكان مولعاً بالإكثار من الألفاظ الغريبة في قصائده، حتى كان الخليل نفسه يتشكك في تفسيرها في كتاب العين".

وقد كانت النصرانية واسعة الانتشار على عهد الرسول، في قضاعة، وربيعة وتميم، وطيء، وكان لها أتباع في القرى العربية، وبين الأعراب، وبواسطتهم عرف العرب شيئاً عن النصرانية وعن رجالها الذين كانوا يقيمون في البيع، أو يسيحون في البلاد، ويرتحلون مع الأعراب طمعاً في تنصيرهم، وفي تعليم المتنصرين منهم أمور الدين. فقد كان بمكة نفر من التجار النصارى، وجماعة من الرقيق الأسود والأبيض، كانوا على النصرانية، وكان بيثرب بعض النصارى كذلك، وكذلك بالطائف. أما نجران، فكانت من مراكز النصرانية المهمة في ذلك العهد. وقد ورد أن "طلق بن علي بن طلق بن عمرو" السحيمي الحنفي، وهو من سادة بني حنيفة باليمامة، كان نصرانياً، فلما ذهب إلى المدينة وشاهد الرسول أسلم أمامه، فلما أراد العودة أخبر رسول الله أن بأرضهم بيعة، فقال له الرسول ولمن معه: "إذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم وابنوها مسجداً"، فكسروا بيعتهم واتخذوها مسجداً، ونضحوها بماء فضل طهور رسول الله، وكانوا قد جاءوا به في دواة، وكان يدير البيعة راهب من طيء، فارتحل عنهم.

وإذا صح هذا البيت المنسوب إلى حسان:

فرحت نصارى يثرب ويهودها  لما توارى في الضريح الملحد

فإن فيه دلالة على وجود نصارى ويهود بالمدينة عند وفاة الرسول.

ونحن لا نستطيع في الوقت الحاضر التحدث عن مدى تغلغل النصرانية في قلوب النصارى العرب. ولكننا نستطيع أن نقول قياساً على ما نعرفه من أحوال الأعراب وأحوال أهل القرى، أي الحضر، أن النصرانية كانت أوضح وأعمق جذوراً في نفوس أهل المدر، منها في نفوس أهل الوبر. أما الأعراب فكانت نصرانيتهم اسمية في الغالب شأنهم شأن أعرب هذا اليوم، وأعراب كل زمان، متدينون بدين، ولكنهم لا يعرفون من دينهم إلا الاسم، دينهم الصحيح، الذي يغلب على نفوسهم هو دين الفطرة، أعني العرف الذي ولدوا ونشأوا عليه. ولكن الرهبان ورجال الدين كانوا يتنقلون بين القبائل لتنصيرهم، حاولوا جهدهم تعليمهم قواعد النصرانية وأصولها، ومنه: عدم إغارة بعضهم على بعض، والعيش بعضهم مع بعض بسلام، حتى أنهم أثروا على بعض ساداتهم فحملوهم على الزهد والدخول في الرهبنة وكره الدماء، فذكر مثلاً أنهم أثروا على "داوود ابن هبالة" سيد "بني سليح"، من قضاعة، فأدخلوه في النصرانية، "وكره الدماء وبني دبراً، فكان ينقل الطين على ظهره والماء، فسمي اللثق، فنسب الدير إليه، وأنزله الرهبان"، واعتزل الغزو إلى أن أمره ملك الروم به، فلم يجد بداً من أن يفعل. وقد كانت العرب تتهم القبائل العربية المتنصرة بعدم قدرتها على القتال، وتستهين بها إذا ما التحمت بها في قتال.

والشعر النصراني، شعر سهل لين بالنسبة إلى شعر الشعراء الأعراب، وقد علل علماء الشعر ذلك بكون هؤلاء الشعراء من سكنة القرى والأرياف، ومن سكن القرية أو الريف لان لسانه ورق كلامه، ولهذا قالوا إن في شعر شعراء القرى لا مثل أهل مكة ويثرب ليونة، لأنهم لم ينبتوا في البوادي، ولم يقاسوا ما يقاسيه الأعراب من خشونة وشدة وضنك في الحياة، بل عاشوا في استقرار وأمان في حياة ناعمة بالقياس إلى حياة الأعراب، ولهذا لان لسانهم، وسهل شعرهم، وصار من السهل على صناع الشعر ومزوّريه صنع الشعر على ألسنتهم، كالذي فعلوه من وضع شعر كثير على لسان "عدي بن زيد" العبادي النصراني، وعلى شعر أمية بن أبي الصلت، وهو من شعراء ثقيف، وعلى شعر "حسان ابن ثابت"، وهو من شعراء يثرب.

و لا يختلف الشعر النصراني عن شعر الشعراء الوثنيين بشيء، اللهم في تطرق شعر "عدي بن زيد" وإضرابه إلى معادن دينية، والى إشارات إلى بعض معالم نصرانية. اما فلسفة نصرانية، أو حديث عن التثليث أو عن العقائد النصرانية الأساسية التي تميز النصراني المتدين عن غيره، فلا تجد لها و لا لأمثالها موضعاً في هذا الشعر. نعم لقد تطرق "عدي بن زيد"، وكذلك الأعشى إلى قصص مستمد من أصول نصرانية، كما تطرق إلى أعياد نصرانية، ولكننا نجد في شعر غيرهم إشارات إلى الأديرة والكنائس والرهبان والرهبنة ومصطلحات نصرانية وأشياء أخرى عرفوها من احتكاكهم بالنصارى، ومن سماعهم شيئاً عن النصرانية من النصارى العرب، تجعل من الصعب على الباحث أن يجد فرقاً كبيراً بين شعر الشعراء النصارى وشعر الشعراء الوثنيين. ولهذا ذهب بعض المستشرقين إلى ان من الصعب التحدث عن وجود شعر نصراني عربي له ميزات امتاز بها عن الشعر الوثني قبل الإسلام.

ومن النصارى "العباد"، وهم عرب تنصروا، ولم يكونوا من قبيلة واحدة، وانما كانوا من مختلف العرب. ولفظة "العباد" لفظة خصصت بنصارى الحيرة خاصة. ويذكر في "الحديث المسند: أبعد الناس عن الإسلام: الروم والعباد". ويظهر ان مرد ذلك، هو ان الروم والعباد، كانوا أصحاب ديانة ورجال دين ومؤسسات دينية منظمة، ومدارس، وثقافة، فكان من الصعب عليهم وكلهم نصارى، نبذ دينهم والدخول في الإسلام، لا على نحو العرب الوثنيين، الذين لم تكن لهم كتب دينية، و لا منظمات دينية، وكل ما كان عندهم عرف وعادات وتمسك بأصنام جبلوا على عبادتها، ولهذا كان تحولهم عنها أسهل من تحول العباد عن دينهم. وفي جملة "العباد" "بنو امرئ القيس بن زيد مناة" واليهم ينسب "عدي بن زيد".

وقد أدخل "كارلو نالينو" "أبا دؤاد" الأيادي في عداد الشعراء النصارى، ولكني لم أجد في شعره إلى ما يشير إلى تنصره، فلعّله أدخله في النصرانية، لما عرف عن انتشارها بين إياد، وهو "أبو دؤاد جارية بن الحجاج"، ويقال: "جويرية بن الحجاج بن يحمر بن عصام بن منبّه بن حذافة بن زهر بن إياد بن نزار بن معد"، وقيل: "حنظلة بن الشرقي" شاعر قديم من شعراء الجاهلية، ركان وصّافاً للخيل، وأكثر أشعاره في وصفها. ذكر أهل الأخبار أن "ثلاثة كانوا يصفون الخيل لا يقاربهم أحد: طفيل، ,ابو دؤاد، والنابغة الجعدي. فأما أبو دؤاد، فإنه كان على خيل المنذر بن النعمان بن المنذر، وأما طفيل فإنه كان يركبها، وأما الجعدي فإنه سمع من الشعراء فإخذ عنهم". وقال "أبو عبيدة": "أبو دؤاد أوصف الناس للفرس في الجاهلية والإسلام، وبعده طفيل الغنوي والنابغة الجعدي". وله شعر في المدح والفخر، لكن شعره في الخيل أكثر. ومما يلفت النظر، أن يكون أكثر شعر أبي دؤاد في وصف الخيل، ثم يكون مدحه لقومه بأنهم "أهل البغال". حيث ورد في شعر هو:

نشدتكم بالله يا أهل الـبـلـد  هل سابق فيكم لمجد من أحد
إلا إياد بن نزار بـن مـعـدّ  أهل البغال والقباب والعـدد

ما سامهم في الدهر ملك بعقد وإني أشك في هذا الشعر، فأسلوبه لا يدل على أنه من أساليب شعراء الجاهلية، و لا سيما الشطر الأول من البيت الأول، ثم إن هذا النسب المسطور في الشطر لأول من البيت الثاني، هو نسب ظهر في الإسلام، وعرف في أيام الأمويين.

وذكر أن "الحجاج" كان معروفاً ب"حمران". ولذلك قيل لأبي دؤاد: "جارية بن حمران". وقيل له: "حارثة بن الحجاج"، كما قيل له: "جريرة"، و"حوثرة"، ويظهر أن مصدر هذا الاختلاف هو وقوع النساخ في أخطاء في أثناء تدوين الاسم، فاختلط الأمر عليهم بين "جارية" و"حارثة"، وبين "جويرة"، و"جريرة"، و"حوثرة"، وهو اختلاف طالما نجده في أسماء وفي ألقاب الأشخاص الجاهليين، يقع بسبب التصحيف.

وهو من "بني حذافة"، كما يظهر من شعر ينسب لطرفة، وقد أشار "أبو دؤاد" في القصيدة الميميى التي تنسب إليه إلى "حذاق" بقوله:

من رجال من الأقارب فـادوا  من حُذاق، هم الرؤوس الكرام

وحذاق قبيلة من إياد.

وكان شاعرنا من إياد، وقد تزوج امرأة من قبيلته، ماتت بعد أن تركت له صبياً اسمه "دؤاد"، فتزوج امرأة أخرى، طلقها لأنها كانت تمقت ابنه، وكان ابنه شاعراً، رثى والده يوم وفاته. وقد تزوج "أبو دؤاد" امرأة أخرى هي "هي "أم حبتر" لكنها طلقته لتبذيره وإسرافه، وللخصومات التي كانت تقع بينهما. ويظهر انه ترك ابنة اسمها "دؤادة".

وقد ذهب "بروكلمن" إلى انه كان من المعاصرين للمنذر بن ماء السماء، الذي قدر وقته فيما بين حوالي "506" و "554" للميلاد. وذهب "فون غرونباوم" إلى انه كان حياً من سنة 480 إلى حوالي "540-550" للميلاد.

وقد ورد اسم "أبو دؤاد" في شعر "طرفة"، كما ذكره "الأسود بن يعفر"، الشاعر نديم "النعمان بن المنذر"، حيث يقول:

ماذا أؤمل بـعـد آلِ مـحـرق  تركوا منازلهـم، وبـعـد إياد
أهل الخورنق والسدير وبـارق  والقصر ذي الشرفات من سنداد
نزلوا بأنقرةٍ يسـيلُ عـلـيهـمُ  ماء الفرات يجيء من أطـواد
أرضن تخيرها لطيب مقيلـهـا  كعب بن مـامة وابـن أم دؤاد

وكعب بن مامة من إياد، وابن أم دواد، هو الشاعر أبو دؤاد "أبو دواد" الإيادي. و"انقرة" موضع بالعراق على مقربة من الحيرة. ويظهر من هذا الشعر، أن "إياداً"، أو فرعاً منها، نزلوا بأنقرة، بزعامة كعب بن مامة والشاعر أبو دؤاد.

وكان في عصر "كعب بن مامة" الإيادي، الذي آثر بنصيبه من الماء رفيقه "النميري" فمات عطشاً، فضرب به المثل في الجود، وبلغه عنه شيء فقال:

وأتـانـي تـقـحـيم كـعـبٍ إلـى الـمـنـطـقِِ  إن الـــنـــكـــيثة الأقـــحــــــام
في نظام ما كنت فيه فلا يحزنك قولُ، لكل حسناء ذام
ولقد رابني ابن عمي كعبُ  إنـــه قــــــد يروم مـــــــا لايرام
غير ذنـب بـنـي كـــنـــانة مـــنـــي  ان أفـارق فـــإنـــنـــي مـــجـــذام

وكان بعض الملوك أخافه، فصار إلى بعض ملوك اليمن فأجاره فأحسن اليه، فضرب المثل بجار أبي دؤاد، قال طرفة:

إني كفاني من همٍ هممـت بـه  جار كجارِ الحذاقي الذي انتصفا

والحذاقي هو "أبو دؤاد"، والحذاق قبيلة من إياد.

ويقال: إنما أجاره الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان، وذلك ان قباذ سرّج جيشاً إلى إياد، فيهم الحارث بن همام، فاستجار به قوم من إياد فيهم أبو دؤاد، فأجارهم.

وذكر أن جار "أبي دؤاد" هو كعب بن مامة، وكان "أبو عبيدة" يذكر أن جار "أبي دؤاد"، هو "كعب بن مامة"، وأنشد لقيس بن زهير ابن جذيمة في ربيعة بن قُرط:

أحاول ما أحاول ثم آوي  إلى جارٍ كجارِ أبي دؤاد

ويظهر أن "قباذ" لما أرسل جيشاً على "إياد" هربت من مواطنها فأجارها "الحارث بن همام". وورد في رواية أن جَدَباً حل بإياد، فاضطرت بطونها على الارتحال إلى مواضع أخرى، وكانت لهم ناقة اسمها "الزباء"، كانوا يتبركون بها، فخرجت تلتمس لهم الخصب والمرعى حتى بركت بالحارث بن همام، فنزلت إياد عنده، وأجارهم.

وتذكر رواية أن "الحارث بن همام" ودى ابناً لأبي دؤاد، غرق حين كان أبو دؤاد في جواره، فمدحه. فحلف الحارث أنه لا يموت لأبي دؤاد ولد، إلا وداه، ولا يذهب له مال إلا اخلفه عليه.

ويرى "غرونباوم" أن "أبا عبيدة"، هو الذي صير "كعب بن مامة" الإيادي جار "أبي دؤاد"، وقد تابعه من جاء بعده على ذلك، فصار "كعب" بذلك مجير شاعرنا، بينما هو "الحارث بن همام". وسبب ذلك أن "كعباً" كان قد اشتهر بالكرم والإيثار وتقديم الغريب على نفسه، حتى أنه ضحى في سبيل صاحبه "النميري" حتى فضله بعض أهل الأخبار على "حاتم" الطائي في الجود. ثم عن كعباً من إياد، فربما فضل بنو إياد ان يكون منهم اسخي وأكرم رجل في العرب، على أن يكون من غيرهم، ولذلك افتخروا به، فنسبوا الجوار له، وحذفوه من "الحارث بن همام"، وهو من "بني شيبان".

وهناك رواية تجعل "المنذر" جاراً لأبي دؤاد، لأنه ودى أبناء "ابي دؤاد"، ودى كل ابن بمائتي بعير، حينما قتلهم "رقبة بن عامر" البهراني، وكان رقبة في جوار المنذر.

وذكر "البغدادي"، أن أحد الملوك أحسن إلى "أبي دؤاد" وأجاره، فضرب المثل بجار "أبي دؤاد"، ولم يذكر اسم الملك. قال طرفة:

إني كفاني من أمر هممت بـه  جار كجار الحذاقي الذي انتصفا

وقد ذكر "البغدادي" في الجزء الأول من الخزانة في تفسير بيت قيس بن زهير بن جذيمة:

أطوّف ما أطوف ثم آوي  إلى جار كجار أبي دواد

وأبو دواد، هو أبو دواد الإيادي الشاعر المشهور، وجاره كعب بن مامة الإيادي، الجواد المشهور وقيل: بل هو الحارث بن همام بن مرة، وكان أسر أبا دواد ناساً من قومه، فأطلقهم وأكرم أبا دواد وأجاره فمدحه أبو دواد وأعطاه، وحلف أن لا يذهب له شئ إلا اخلفه له. ويقال أن ولد أبي دواد لعب مع صبيان في غدير فغمسوه فمات، فقال الحارث:

لا يبقى صبي في الحي إلا غرق. فودى ابنه بديات كثيرة".

ونسب بعض رواة الشعر إليه القصيدة التي أولها:

أعنّي على برقٍ أراه ومـيض  يضيء حبياً في شماريخ بيض

وهي قصيدة تنسب أيضاً إلى "امرئ القيس".

ونسب "الأصمعي" له قوله:

ويصيخ احياناً كما استمع المضل دعاء ناشد

وقد تمثل بشعره، ومما تمثل به قوله:

أكل امرئ تحسبين امرءاً  وناراً تحرق بالليل نارا
وقوله:

الماء يجري ولا نظام لـه  لو وجد الماء مخرقاً خرقه

ومن شعره:
ترى جارنا آمناً وسطنـا  يروح بعقد وثيق السبب
إذا ما عقدنا له ذمة=شددنا العناجّ وعقد الكرب

أخذه الحطيئة، فقال: قوم إذا عقدوا عقداً لجارهم شّدوا العناج وشّدوا فوقه الكربا وكان الحطيئة من المقدرين لشعره. قيل له من أشعر الناس ?فقال: الذي يقول لا اعد الإقتار عدما ولكن فقدُ من قد رزئته الإعدام  من قصيدة تعدّ من أجود شعره.

ومن شعره قطعة هجا فيها رجلاً اسمه "امرؤ القيس بن أروى"، إذ يقول فيه:

امرأ القيس بن أروى مولياً  إن رآني لأبوان بسـبـد
قلت بجلاً، قلت قولاً كاذباً  إنما يمنعني سـيفـي ويد

وقد وضع "غرونباوم" قبل هذين البيتين: بيتاً هو:

وفتو حسن أوجـهـهـم  من إياد بن نزار بن معد

وقد ورد في "اللسان" وفي التاج على هذه الصورة: في فتو حسن أوجههم=من إياد بن نزار بن مضر وعندي إن هذا البيت من الشعر المصنوع، لأن هذا النسب، لم يعرف إلا في الإسلام، ولا يوجد دليل يثبت وقوف الجاهليين عليه. وهو على الصورة التي ورد عليها في لسان العرب وفي تاج العروس خطأ، لأن نزاراً ليس ابن مضر في عرف أهل الأنساب، كما سبق أن تحدثت عن ذلك في باب العرب المتعربة.

وقد نسب هذا البيت إلى "الحارث بن دوس الإيادي".

ونجد الشاعر يرثي رجلاً اسمه "أبو بجاد"، نعته ب"أبي الأضياف في السنة الجماد"، وهذا الوصف هو من الأوصاف الدالة على غاية الكرم، إذ يلجأ الناس اليه في أيام الجوع وانحباس المطر وحصول القحط، حيث يجب أن يبخل الإنسان بماله من الإسراف في انفاقه، أما هو فلكرمه لا يحفل بسنة المحل سنة الجماد، بل يعطي وينفق على كل من يلجأ إليه مستجيراً. ولا نعلم من خبر "أبي بجاد" هذا شيئاً يذكر. وقد ورد في "تاج العروس": "وأبو البجاد شاعر سمي ببيت قاله:

فويل الركب إذ آبوا جياعاً  ولا يدرون ما تحت البجاد"

ولكن هل توجد صلة بين "أبي بجاد" الممدوح، وبين "أبي البجاد" الشاعر ? وجواب: لا.

وقد أشار "أبو دؤاد" إلى قتال وقع بين "بني شهران" وبين قوم آخرين لم يشر إلى اسمهم، وذلك في هذا البيت: وَلّت رجال بني شهران تتبعها=خضراء يرمونها بالليل من شمم وينسب رواة الشعر له شعراً زعم انه قال فيه:

ضربنا على تُبـع جـزية  جياد البرود وخرج الذهب
وولى أبو كرب هـاربـاً  وكان جباناً كثير الكـذب
واتبعته فهوى للـجـبـين  وكان العزيزُ لها من غلب

وتبع، لقب يطلقه العرب على ملك حمير، فيقولون تبايعة اليمن، يريدون ملوك اليمن. و التبع "أبو كرب" هو الملك: "أبو كرب أسعد" وهو ابن الملك "ملك كرب يهأمن"، الذي حكم من سنة "385" حتى السنة "420" للميلاد. ولكن كيف ضربت "إياد" الجزية على "تبع"، وكيف وصل الشاعر إلى اليمن البعيدة عن إياد ? قد يقال إنه أشار إلى غزو قام به احد ملوك الحيرة على "أبي كرب أسعد"، تبع اليمن، أنتصر فيه ملك الحيرة على التبع، وكان هو وقومه قد ساهموا فيه، ولكننا لا نستطيع التأكد من ذلك، إذ من يثبت لنا أن هذا الشعر هو شعر صحيح، لم تصنعه العدنانية على لسانه في الإسلام حتى نصدق بصحة الخبر! ونجد في شعره إشارة إلى "قباذ"، والى "الحضر"، إذ يقول:

أين ذو التاج والـسـرير قـبـاذ  خبنته الأيام فبادَ إحدى الخُبـون
ولقد عاش آمـنـاً لـلـدواهـي  ذا عتاد وجـوهـر مـخـزون
وأرى الموت قد تدلى من الحضر  على ربّ أهله الـسـاطـرون
صرعته الاْيام من بعد ملك ونعيم  وجـوهـر مـكــنـــون
ملك الخضر والفرات فما دجـلةً  شرقاً فالطـور مـن عـابـدين
ولقد كان في كتـائب خُـضـر  وبـلاط يشـاد بـالآخــرون

و"قباذ"ملك من الساسانيين حكم من سنة "483 -531" بعد الميلاد، وأما "الساطرون" فقد تحدثت عنه في الجزء الثاني من هذا الكتاب ولدينا قطعة من الشعر نسبت إليه، وردت فيها أسماء مواضع مثل: "هضب ذي الاْسناد"، و "السيلحين " و "برقة الاْثماد"، ثم أشار إلى معركة وقعت بين "إياد" قومه وبين "تنوخ" انتصفت " فيها "إياد" من تنوخ، إذ يقول:

ولقد صَبين على تنوخٍ صبّة=فجزينهم يوماً بيوم قحاد

 وكان علماء العربية لا يستشهدون بشعر "أبي دؤاد" ولا بشعر "عدي بن زيد العبادي"، لاْن ألفاظها ليست بنجدية.

ذكر " الجاحظ" ان "أباد إياس" النصري، وكان أنسب الناس، كان يقول: "كانوا يقولون: أشعر العرب أبو دواد الإيادي، وعدي بن زيد العبادي".

ويروي "الأصمعي" أن الرواة لا تروي شعر أبي دؤاد ولا عدي بن زيد، لاْن ألفاظها ليست بنجدية، ولمخالفتهما مذاهب الشعراء، ولم يكن "الأصمعي" ممن يهوى إليه كثيراً، بدليل انه جعل شعره صالحاً غير انه لم يجعله في عداد فحول الشعراء.

وورد في الاْخبار أن "الحطيئة"، كان يرى انه أشعر الناس. فقد ورد ان "سعيد بن العاص " سأل "الحطيئة: أي الناس أشعر ? قال: الذي يقول:

لا أعد الإقتار عُدماً ولكن  فقد من قد رزئته الاْيام

وقائل هذا البيت، هو أبو دواد الإيادي.

وكان "أبو الأسود" الدؤلي، وهو من الحذّاق العالمين بالشعر، يتعصب له.

وكانت "اياد" تفخر بشاعرها "أبي دؤاد"، وتقول: منّا أجود العرب: كعب بن مامة، ومنّا أشعر الناس: أبو دؤاد، ومنّا أنكح الناس: ابن الغز. وقد ادعت إياد أن الشعر بدأ بها، لأنه بدأ بأبي دؤاد.

وقد استشهد علماء شواهد النحو ببيت له، هو:

ربما الجامل المؤبل فيهم  وعنانيج بينهن المهـار

وقد ذكر السيوطي أنه من قصيدة طويلة عدتها ثمانية وسبعون بيتاً.

وقد عدّه بعض أهل الأخبار في الشعراء المقلين. ونجد له شواهد في الأتعاظ والأمثال وفي الشعر الجيد وفي أمور النحو، وفي البديع. "ولدينا أحد عشر مطلعاً لإحدى عشرة قصيدة من قصائد أبي دؤاد وكلها مصرعة". ويرى "غرونباوم" قلة ما في شعر "أبي دؤاد" من الإقواء، فلم يقف في شعره إلا على اقواءين، ووجد بيتين، أحدهما من الرجز والآخر من الوافر، يبدو فيهما شيء من عدم الاستواء. وله مزايا خاصة استعملها في تفعيلات الخفيف. وأرى أن التشعيت الذي لاحظه "العيني" في الأصمعية "72"، "لا يعد خطأ، بل هو مظهر من مظاهر التطور الفني في هذا الوزن، مظهر استنكر أو نسي مع الزمن حين ظهر علم العروض، بعد حوالي قرنيين من وفاة أبي دؤاد".

وقد شرح ديوان "أبي دؤاد" العالم "ابن السكيت"، وقد نقل منه "البغدادي" في الخزانة. وقد ذكر "البغدادي" إن "لأبي دؤاد" ديواناً وقف عليه وأخذ منه، غير انه لم يذكر اسم جامعه. وفي الشعر المنسوب إليه شعر مصنوع، وقد ذُكر أن "خلف الأحمر" صنع على أبي دؤاد أربعين قصيدة. ونجد في الشعر الذي جمعه "غرونباوم" لأبي دؤاد شعراً لا يصح انه من شعره، كما أن في شعره ما نسب لغيره، ومنهم شعراء من إياد، مثل "أبي المنذر" الإيادي.

ومن شعراء "إياد": "لقيط بن يعمر"، وقيل "معمر" الإيادي. وإياد من قبائل هذا الحلف عدداً، قيل أنهم لقاحاً لا يؤدون خرجاً، وهم أول معدي خرج من تهامة، فنزلوا السواد، وغلبوا على ما بين البحرين إلى "سنداد" و"الخورنق". وكانوا أغاروا على أموال لأنو شروان فأخذوها، فجهز إليهم الجيوش، فهزمهم مرة بعد مرة، ثم ان إياداً ارتحلوا حتى نزلوا الجزيرة، فوجه إليهم كسرى بعد ذلك ستين ألفاً في السلاح، وكان "لقيط" متخلفاً عنهم بالحيرة، فكتب إليهم:

سلام في الصحيفة من لقيط  إلى من بالجزيرة من إياد
بأن الليث كسرى قد أتاكـم  فلا يشغلكم سوق النـقـاد
أتاكم منهمُ ستـون ألـفـاً  يُزجون الكتائب كالجـراد

فاستعدت إياد لمحاربة جنود كسرى، ثم التقوا، فاقتتلوا قتالاً شديداً، أصيبت فيه من الفريقين، ورجعت عنهم الخيل، ثم اختلفوا بعد ذلك، فلحقت فرقةُ بالشام، وفرقة رجعت إلى السواد، وأقامت فرقة بالجزيرة. ونسبوا له قصيدة أخرى، ذكروا انه نظمها في هذه القصيدة. من جملة ما ورد فيها:

قوموا قياماً على أمشاط أرجلكـم  ثم افزعوا قد ينال الأمر من فزعا
هيهات ما زالت الأموال من أبـد  لأهلها إن أصيبوا مرة تـبـعـا

ومنها قوله في اختيار الرئيس وتدبير الحرب والانصياع للقائد:

وقـلـدوا أمـركـم لـلـهِ دركـمُ  رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفاً إن رخاء العيش سـاعـده  ولا إذا عض مكروه بـه جـزعـا
ما زال يحلب هذا الدهر اشـطـره  يكون مُتبعاً طـوراً ومُـتـبـعـاً
حتى استمرت على شرز مريرتـه  مستحكم السنّ لا قحماً ولا ضرعـاً

وأنا إذ أذكر "لقيط بن يعمر" في هذا الفصل، فلا أريد بذلك إثبات انه كان من الشعراء النصارى، لأني لا أملك نصاً بذلك، إنما أدخلته هنا لمجرد أنه شاعر من شعراء إياد، كما أدخلت "أبا دؤاد" الإيادي فيه لما ذهب "نالينو" إلى انه من النصارى، وقد كانت النصرانية متفشية في إياد وتغلب، وقبائل أخرى من قبائل العراق وبلاد الشام، والبادية التي بينهما.

أما "عدي بن زيد" العبادي، فهو نصراني من غير شك، فالعباديون، نصارى، وقد أطلقت اللفظة عند العرب على النصارى، نصارى الحيرة، كما نص أهل الأخبار على تنصره. وقد كان شعره سهلاً ليناً، بعيداً عن شعر شعراء نجد، قال "الأصمعي": "كانت الرواة لا تروي شعر أبي دؤاد ولا عدي بن زيد لمخالفتها مذاهب الشعراء" أو "لأن ألفاظهما ليست بنجدية".

وقد روى "الجواليقي" له شعراً في كتابه "المعرب"، وهو كتاب ألفه في المعربات، وفي استشهاده بشعره دلالة على تأثره بالآرامية وبالفارسية التي درسها في "الكتاب".

وإذا أخذنا بمذهب "الأصمعي" من أن الرواة كانت لا تروي شعر أبي دؤاد ولا عدي بن زيد، لمخالفتهما مذاهب الشعراء، وما ذكره غيره لان ألفاظهما ليست نجدية، ولأن عدياً سكن الريف، فلان شعره وبان ذلك على لسانه، ولأنه تأثر بلغة أهل الحيرة، واستعمل ألفاظهم، وما شاكل ذلك من حجج، وجب علينا رفض الاستشهاد بشعر "أمية بن أبي الصلت" كذلك، فقد كان من أهل قرية، وقد استعمل في شعره ألفاظاً لم تعرفها العرب، قرأ الكتب، كما يجب إدخال "الأعشى" معهما أيضاً، لأنه خالط أهل الريف، واتصل بالحضر وبالأعاجم، واستعمل في شعره ألفاظا معربة، كما اختلف مذهبه في الشعر عن مذهب شعراء البادية الأعراب، فضلاً عن كونه من أهل اليمامة، وأهل اليمامة ممن اختلط لسانهم بلسان أهل اليمن، وتأثر بهم.

ويخالف شعر "عدي" شعر شعراء نجد في ابتعاده عن الأعاريض الطويلة وميله إلى الأعاريض القصيرة، كما يخالفهم في أسلوب خمرياته، فهو في وصفه الخمر قريب من أسلوب "الأعشى" في الخمريات. وله أوصاف بديعة للخمر، تعبر عن معان حضرية، نابعة من طبيعة القرى والريف، وبهذا الوصف اختلف عن وصف امرئ القيس أو غيره من شعراء للخمر. كما امتاز بوصفه القيان ومجالس الشرب، وما كانت تولده له من نشوة وطرب، واتخذ "عدي" من الخمر، فلسفة دفعته إلى الزهد ونبذ الغرور، لأن الدنيا زائلة، وكل شيء فيها لا بد وأن ينتهي إلى الزوال. وهو شعر انبثق من طبيعة "عدي بن زيد" ثم من الأحوال التي مرت عليه، والتي انتهت به إلى السجن، بعد أن وصل أعلى ما يصل اليه إنسان في زمانه وفي مكانه.

واتخذ "عدي" من القصص القديم عبراً وجهها من سجنه إلى "النعمان" والى الشامتين به، الحاسدين له، الذين كانوا سبب نكبته، بأن قال:

أيها الشامت المـعـير بـالـده  ر أأنت المبـرأ الـمـوفـور
أم لديك العهد الوثيق مـن الأي  ام بل أنت جاهـل مـغـرور
من رأيت المنون خلدن أم مـن  ذا عليه من أن يضام خـفـير
أين كسرى كسرى الملوك أنوشر  وان أين قـبـلـه سـابــور
وبنو الأصفر الكرامُ ملـوك ال  روم لميبق منـهـم مـذكـور
وأخو الحضر إذ بـنـاه وإذ دج  لة تجبـي الـيه والـخـابـور
شاده مرمـراً وجـلـلـه كـل  ساً فللطـير فـي ذراه وكـور
لم يهبه ريب المنون فبـاد الـم  لك عنه فبـابـه مـهـجـور
وتذكر رب الـخـورنـق إذ ش  رّف يوماً وللهـدى تـفـكـير
سرّه مـالـه وكـثـرة مـا يم  لك والبحر معرضاً والـسـدير
فارعوي قلبه فقال: ومـا غـب  طة حي إلى الممـات يصـير
ثم بعد الفـلاح ولامـلـك والأ  مة وارتهم هنـاك الـقـبـور
ثم أضحـوا كـأنـهـم ورق ج  فَّ فألوت به الصّبا والـدبـور

وله شعر آخر أوله:

أتعرف رسم الدار من أم معبد  نعم، فرماك الشوق قبل التجلد

قال فيه:

 أعـاذل مـا يدريك أن مـنـيتــي  إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد
ذريتي فإني إنما لـيَ مـا مـضـى  أمامي من مالـي إذا خـف عـودي
وحمّت لـمـيقـات إلـيّ مـنـيتـي  وغودرت قد وسـدت أو لـم أوسّـد

وهو شعر نبع من واقع حاله الذي صار إليه، فهو لا يدري متى وفي أية ساعة ستأتيه منيته. ومن زج في سجن مثل سجنه، وصار في حال مثل حاله، يكون قلقاً لا يدري ما الذي سيكون مصيره، فهو شعر يعبر عن شعور إنساني ينتاب الإنسان في مثل هذه المواقف، ليس له علاقة بنصرانية أو بدين.

والشعر المذكور إن صح انه من شعر "عدي"، وانه غير مصنوع ولا معمول عليه، يكون قد قدم لنا قصصاً قديماً من قصص أهل الجاهلية، وحكايات كانوا يروونها من حكايات التأريخ، ويكون بذلك شاهداً على أن أهل الحيرة، و المثقفين منهم بصورة خاصة كانوا يعرفون تأريخ الماضين، وقد وقفوا على تأريخ الفرس وتأريخ الروم، والحضر، وتأريخ غيرهم من شعوب معاصرة لهم، ومن شعوب غابرة، وردت أخبارها في الكتب القديمة، ولا سيما في الكتب المقدسة وفي كتب التواريخ. فنحن نجد له قصيدة أشار فيها إلى خطيئة آدم، وهذه الخطيئة تلعب دوراً خطيراً في كل الأديان السماوية المعروفة التي أقرت بالكتب المقدسة، وقد صاغ قصتها على هذا النحو:

قضى لـسـتة أيّام خـلـيقـتـه  وكان آخرها أن صوّر الـرجـلا
دعاه آدم صوتاً فاسـتـجـاب لـه  بنفخة الروح في الجسم الذي جبلا
ثُمت أورثهُ الفردوسَ يعمـرهـا  وزوجه صنعة من ضلعه جعـلا
لم ينههُ رَبهُ عـن غـير واحـدة  من شجرٍ طيب: أن شَم أو أكـلا
فكانت الحيّة الرقشاء إذ خلـقـت  كما ترى ناقة في الخلق أو جملا
فعمدا للتي عن أكـلـهـا نُـهـيا  بأمر حواءَ لم تأخذ لـه الـدّغـلا
كلاهما خـاط إذ بُـزا لـبـوسـهـا  مِن ورق التين ثوباً لـم يكـن غـزلا
فلاطَهما الله إذ أغـوت خـلـيفـتـهُ  طول الليالي ولم يجعل لـهـا أجـلا
تمشي على بطنها في الدهر ما عَمرت  والترب تأكله حـزنـاً وإن سُـهـلاً
فأتعبـا أبـوانـا فـي حـياتـهـمـا  وأوجد الجوع والاْوصاب والعـلـلا
وأوتيا المـلـكَ والانـجـيل نـقـرأه  نشفى بحكمته أحـلامـنـا عـلـلا
من غير ما حاجة إلا لـيجـعـلـنـا  فوق البرية أربابـاً كـمـا فـعـلا

والشعر هذا مذكور في كتاب "الحيوان" للجاحظ، وفي ذكره له، دلالة على أنه قد كان معروفاً في أيامه، وهو يستند على ما ورد في "سفر التكوين" السفر الأول من أسفار التوراة، وفيه قصة الخليفة، ونجد قصة الحية في شعر "أمية بن أبي الصلت"، حيث يقول:

كذي الاْفعى تَربَبّها لـديه  وذي الجني أرسلها تساب
فلا ربّ البريّة يأمنـهـا  ولا الجني أصبح يستتاب

وقد دوّن هذين البيتين "الجاحظ" كذلك في كتابه: "الحيوان"، مما يدل على أنهما كانا معروفين، وهما من قصيدة ذكرها الجاحظ قبلهما في رطوبة الحجارة، وأن كل شيء قد ينطق، ثم عن منادمة الديك الغراب، واشتراط الحمامة على نوح.

وقصة "عدي" قصة أوضح وأقرب إلى الأصل المذكور في الإصحاحات الثلاثة الأولى من سفر التكوين، من القصة المذكورة في الشعر المنسوب إلى "أمية". يظهر أن ناظمها قد صاغها عن مطالعة وعن إلمام عام بها. فهي في الواقع قصيدة شملت قصة دينية، ضمت أسطورة الخلق كما جاءت في الإصحاحات المذكورة، مع بعض "الرتوش" والإصحاحات التي اقتضتها طبيعة نظم الشعر، وقد لخصها تلخيصاً حسناً قريباً من الأصل، يدل على إحاطة به. ولعله من وضع شاعر أحب صوغ هذه القصة في شعر، فنظمها ونسبها إلى "عدي بن زيد".

وقد ظل العباد يتغنون بخمريات وبشعر "عدي" أمداً طويلاً بعد وفاته. وقد كان "القاسم بن الطويل" العبادي، أحد ندماء "الوليد" الثاني ممن يروون شعره، وحبذه إلى الخليفة، الذي كان شاعراً يحب الخمر، وينظم الشعر فيها مما صار باب من أبواب الخمريات في الشعر الإسلامي. ومن شعره قوله:

أيها القلب تعلـل بـددن  إنّ همي في سماع واذن

ومن الشعراء النصارى الذين نص أهل الأخبار على تنصرهم: "موسى بن جابر بن أرقم بن سلمة بن عبيد" الحنفي اليمامي، المعروف ب"أزيرق اليمامة"، وبابن ليلى، وهي أمه، وكان نصرانياً. قال عنه "المرزباني" انه شاعر كثير الشعر، وقد أورد له نتفاً من شعره، ويمتاز ما ذكره بالبساطة والسهولة والليونة وهو يختلف بأسلوبه عن شعر الأعراب.

أما "الأعشى"، وقد تحدثت عنه، فهو من اليمامة، وقد كان معظم أهل اليمامة على النصرانية عند ظهور الإسلام، ولذلك فقد يكون على النصرانية، غير اننا لا نستطيع أن نأتي بدليل مقبول يثبت تنصره، وقد رأينا ان أهل الأخبار كانوا قد جعلوه في عداد "القدرية" و "أهل العدل"، زعموا انه أخذها من "الحيرة"، وكانوا عبّاداً، وكان يزورهم يشرب الخمر عندهم، كما كان روايته "يحيى بن متى" نصرانياً، لا يعني انه كان نفسه نصرانياً، وأما ما جاء في شعره من قصص وأمور معروفة عند النصارى، فلا يكون دليلاً على تنصره، فقد وردت مثل هذه الأمور في شعر غيره، ولم ينص أحد على تنصرهم، ثم ان شعره لا ينم على تعمق نصرانية، لكني لا أريد أن أثبت انه كان وثنياً، فوثنية الأعشى أو نصرانيته تخصه وحده، وأنا لا أريد أن أنقص عدد النصارى، وأن ازيد في عدد الوثنيين، وإنما هو رأي واستنتاج ليس غير.

ومن شعره الذي تطرق فيه إلى أمور نصرانية قوله:

فما أبيلي عـلـى هـيكـل  بناه وصَلّب فـيه وصـارا
يراوح من صلوات الملـيك  طوراً سُجوداً وطوراً جُوارا
بأعظم منك تقي في الحساب  إذا النسمات نفضن الغبـارا

وهي من قصيدة مدح فيها "قيس بن معد يكرب" الكندي. وقد اتخذ "المعري" هذا الشعر دليلاً على إيمان الأعشى بالله و بالحساب و بالبعث، مما استوجب إدخاله في الجنة.

وهناك أفكار نصرانية نجدها في شعر "النابغة" وفي شعر "زهير"، و"لبيد"، غير أننا لا نستطيع أن نقول إنهم كانوا نصارى، لوجود هذه الأفكار في شعرهم، فمن الجائز ان يكون ورودها في شعرهم نتيجة لاختلاطهم بالنصارى، وقد كانوا يكثرون من الذهاب إلى الحيرة، لمدح ملوكها طمعاً في نيل عطاياهم، فاحتكوا بذلك بنصاراها، وورد قصص نصراني في شعر أو نثر لا يدل حتماً على تنصر الناثر أو الشاعر، كما أن وقوف شخص على دين من الأديان، لا يدل حتماً على اعتناقه لذلك الدين. ومن هنا أخطأ الأب "لويس شيخو" في دعواه بتنصر أكثر الشعراء الجاهليين.

ونجد في شعر امرئ القيس إشارات إلى معالم نصرانية، مثل الرهبان وصلواتهم وسهرهم، والى مصابيحهم، مثل قوله:

نظرت إليها والنجوم كأنها  مصابيح رهبان تشب لقفال

ولكننا لا نستطيع إثبات أنه كان من النصارى.

و"حاتم الطائي" من شعراء طيء، وقد مات قبل الإسلام، وقبر ب"عُوارض" جبل فيه قبره ببلاد طيء. وهو "حاتم بن عبد الله بن سعد ابن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي"، ويكنى "أبا سفانة" بابنته، وابنه "عدي بن حاتم" من الصحابة. واليه ينسب المثل "لو غير ذات سوار لطمتني".

وسبب قوله إياه-كما يقول ذلك الرواة-أن حاتم الطائي كان أسيراً في "عنزة"، فقال له امرأة يوماً: قم فافصد لنا هذه الناقة ! وكان الفصد عندهم أن يقطع عرقاً من عروق الناقة، ثم يجمع الدم فيشوى. فقام حاتم إلى الناقة فنحرها، فلطمته المرآة. فقال حاتم: "لو غير ذات سوار لطمتني" فذهب قولاً. وروي أيضاً انه قال:: ?"هذا فصدي"، يريد انه لا يصنع إلا ما تصنع الكرام. وقد نسب هذا المثل لكعب بن مامه، وذلك انه كان أسيراً في عنزة فأمرته أم منزله أن يفصد لها ناقة، فنحرها، فلامته على نحره إياها، فقال: هكذا فصدي. ويلاحظ أن "الجاحظ" وغيره يقدمون"كعب بن مامه" على حاتم الطائي في الجود، "لاْن كعباً بذل نفسه في أعطية الكرم وبذل المجهود فساوى حاتماً من هذا الوجه، وباينه ببذل المهجة". كما نلاحظ ان بعض أخبار الجود المنسوبة إلى "حاتم" تنسب إلى "كعب بن مامه كالذي رأيته في تفسير المثل: "هكذا فصدي".

ولما بلغ حاتم قول المتلمس:

قليل المال يصلحه فيبقـى  ولا يبقى الكثير مع الفساد
وحفظ المال خير من فناء  وعسف في البلاد بغير زاد

قال قطع الله لسانه، حمل الناس على البخل فهلا قال:

فلا الجود يفني المال قبل ذهابه  ولا البخل في مال الشحيح يزيد
فلا تلتمس مالا ًبعيش مُـقـتـر  لكل غـد رزق يعـود جـديد
ألم ترَ أن الـرزق غـاد ورائح  وأن الذي أعطاك سوف يعـيدُ

وذكر أن "زيد الخيل" عير حاتماً في خروجه من طيْ ومن حرب الفساد التي وقعت بين جديلة والغوث إلى "بني بدر" حيث يقول:

وفرّ من الحرب العوان ولم يكن  بها حاتم طَباً ولا متـطـبـبـا
وريب حصناً بعد أن كان آبـياً  أبوة حصنٍ فاستقال واعتـبـا
أقم في بني بدر و لا ما يهمنـا  إذا ما تقضت حربنا أن تطربا

وقد أسره "ثوب بن شحمة" العنبري، وكان شريفاً في قومه، وكان يقال له "مجير الطير"، لأنه أجار الطير في أرضه، فكان لا يثار و لا يصاد بأرضه. فقال حاتم:

إذا ما بخيل الناس هَـرّت كـلابـه  وشقّ على الضيف الغريب عفورها
فإني جبان الكلب بـيتـي مـوطـأُ  جواد إذا ما النفس شحّ ضمـيرهـا
ولكن كلابي قـد أقـرت وعُـوّدت  قليل على من يعتريها هـريرهـا

وظل "حاتم" أسيراً عنده زماناً، وقد عُيّر "ثوب بن شحمة" بأنه وقومه أكلوا لحم المرأة، فقال شاعر:

عجلتم ما صادكم علاج  من العنوق ومن الدجاج

حتى أكلتم طفلة كالعاج وقد وصفت ابنته أباها للرسول، وكان قد سألها عن أبيها على هذه الصفة: "كان أبي يفك العاني ويحمي الذمار، ويقري الضيف، ويشبع الجائع، ويفرج عن المكروب ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ولم يردّ طالب حاجة قط". ووصفه "ابن الأعرابي" بقوله: "كان جواداً يشبه شعره جوده، ويصدق قوله فعله... إذا غنم أنهب وإذا سئل وهب... وإذا أسر أطلق". ويجب أن تكون وفاة "حاتم" غير بعيدة عن ظهور الإسلام.

ولأهل الأخبار قصص عن جود حاتم وكرمه، ويبدأون به غلاماً، يرعى إبل والده، فمرّ به "عبيد الأبرص"، و"بشر بن أبي خازم"، و "النابغة الذبياني"، وهم يريدون "النعمان" فنحر لهم ثلاثة من الإبل، وهو لا يعرفهم، ثم سألهم عن أسمائهم، فتسمّوا له، ففرق فيهم الإبل كلها، وبلغ أباه ما فعل، فاعتزله.

ثم يروون انه ذبح فرسه، لما جاءته جارة له، فشوى لحمها لها ولأولادها الجياع، ثم استدعى بقية جيرانه فأطعمهم، وبقي هو وأهله جياعاً، ولم يكن لديه آنذاك غير فرسه هذه. ثم يروون قصصاً آخر مشابهاً، يمتد إلى ما بعد وفاته، حيث يذكرون قصة رجل اسمه "أبو خيبري"، ذكروا انه مرّ بقبر أبو خيبري يصيح: واراحلتاه! فقال له أصحابه: ما شأنك? فقال: خرج والله حاتم بالسيف حتى عقر ناقتي وأنا أنظر اليه، فنظروا إلى راحلته فإذا هي لاتنبعث، فقالوا: قد والله قراك، فنحروها وظلوا يأكلون من لحمها، ثم أردفوه وانطلقوا، فبيناهم كذلك في مسيرهم، طلع عليهم "عدي بن حاتم" ومعه جمل أسود قد قرنه ببعيره، فقال: إن حاتماً جاءني في المنام فذكر لي شتمك إياه، وانه قراك وأصحابك راحلتك، وقد قال في ذلك أبياتاً، ورددها عليَّ حتى حفظتها:

أبا خيبريّ وأنت امرؤُ  حسود العشيرة لوّامها
فماذا أردت إلى رمّة  بداويّة صَخب هامها
تُبَغّي أذاها وإعسارها=وحولك عوفُ وأنعامها

وأمرني بدفع جمل مكانها اليك، فخذه، فأخذه.

ولأهل الأخبار قصة في كيفية تزوج "حاتم" "ماوية بنت عفزر"، وكيف وجد عندها "النابغة"، ورجلاً من النبيت، يريدان الزواج منها، لما وصل إليها، وكيف امتحنتهم بقولها لهم: انقلبوا إلى رحالكم، وليقل كل رجل منكم شعراً يذكر فيه فعاله ومنصبه فإني متزوجة أكرمكم وأشعركم، ثم تذكر القصة تفصيل ما وقع بأسلوب منمق مقروناً بشعر وقرار"ماوية" بتفضيل حاتم عليهما. وتذكر قصة أخرى ان "ماوية" كانت ابنة من بنات ملوك اليمن، وكانت ذات جمال وكمال ومال، فآلت ألا تزوج نفسها إلا من كرام الناس، فقدم عليها حاتم، وزيد الخيل، وأوس بن حارثة لأم، فتقدم كل واحد يخطبها، فقالت ليصف كل واحد منكم نفسه في شعره، فلما أنشدوا فضلت "حاتم" الطائي عليهما، فزوجت نفسها منه. وذكر ان "معاوية" كان يهوى حديث "ماوية".

وهم يذكرون أن جود "حاتم" جاء إليه من أمه "عنبة"، التي كانت سخية إلى حدّ الإسراف، حتى حبسها إخوتها سنة في بيت لعلّها تكف عما كانت عليه، إذا ذاقت طعم البؤس وعرفت فضل الغنى، ثم أخرجوها ودفعوا إليها صرمة من مالها، فأتتها امرأة فسألتها، فقالت لها: دونك الصرمة، فقد والله مسني الجوع ما آليت معه ألا أمنع الدهرَ سائلاً شيئاً! ثم أنشأت تقول:

لعمري لقدماً عضني الجوعُ عضة  فآليت ألا أمنع الدهـر جـائعـا
فقولا لهذا الائمي الآنَ أعفـنـي  وإن أنتَ لم تفعل فعض الأصابعا
و لا ما ترون اليوم إلا طـبـيعة  فكيف بتركي، يا ابنّ أمَّ، الطبائعا

ونسب لحاتم قوله:

واني لاستحي حـياءً يسـرنـي  إذا الؤمُ من بعض الرجال تطلعا
إذا كان أصحاب الإنـاء ثـلاثة  حيياً ومستحياً وكلباً مُجَـشَّـعـا
فإني لأستحي أكلـيكـي أن يرى  مكانَ يدي من جانب الزاد أقرعا
أكفُّ يدي من أن تمس أكفـهـم  إذا نحن أهوينا وحاجتنا مـعـا
وإنك مهما تعط بطنَك سُـؤلـه  وفرجك نالا منتهى الذم أجمعـا

وتنسب له قصيدة طويلة هي:

وعاذلتين هبتا بعد هجـعة  تلومان متلافاً مفيداً ملوما
تلومان لمّا غوّر النجم ضلة=فتى لا يرى الانفاق في الحمد مغرما

 إلى أن يقول:

ولن يكسب الصعلوك حمداً و لا غنى  إذا هو لم يركب من الأمر معظمـا
لحا الله صعلوكـاً مـنـاه وهـمّـه  من العيش أن يلقي لبوسا ومغنمـا
ينام الضحى حتى إذا نومه استـوى  تنبه مثـلـوج الـفـؤاد مـورمـا
مقيماً مع المثـرين لـيس بـبـارح  إذا نال جدوى من طعام ومجثـمـا
ولـلـه صـعـلـوك يسـاور هــمـــه  ويمضي على الأحداث والـدهـر مـقـدمـا
فتى طلبات لا يرى الخمص تعذيباً ولم يلق شبعة  يبيت قلبـه مـن قـلة الـهـم مـبـهـمـا

وهي أبيات أرى أنها من هذا الشعر الذي يشك في أكثره، مثل الشعر المقال على لسان عروة والصعاليك، يظهر أن الظروف الاجتماعية جعلت الأدباء ينظمون على لسانهم، يتشكون فيها من ظلم الأغنياء، لما كانوا يرونه من قسوة أصحاب المال على المعدمين والبائسين.

ويشك في كثر من شعر حاتم. وقد صار حاتم بالقصص الوارد عنه من الأبطال المعروفين عند غير العرب أيضاً، فنجد له ذكراً في الفارسية وفي التركية، وألف فيه في اللغات الأوروبية، وطبع ديوانه جملة طبعات. وكان يشبه شعر النمر بن تولب بشعر حاتم الطائي، وكانا يشتركان في الجود وإتلاف الأموال وأريحية الطبع والتغني بذلك في الشعر.

وكان "حاتم" على النصرانية على ما يظن، وقد كان ابنه "عدي" عليها.

و"جابر بن حُنَيّ بن حارثة بن عمرو بن بكر" من شعراء تغلب. وله قصيدة مطلعها:

ألا يا لقومي للجديد المصـرم  وللحلم بعد الزلّة، المتـوهـم
وللمرء يعتاد الصبابة بعـدمـا  أتى دونها ما فرطُ حول مجرّم

ذكر أن سبب قوله لها، إن "المنذر بن ماء السماء" كان يبعث "عمرو بن مرثد بن سعيد بن مالك"، و"قيس بن زهير" الجشمي، على إتاوة ربيعة، وكانت ربيعة تحسدهما، فجاء "عمرو" يوماً، فقال جلساء الملك حسداً له: انه يمشي كأنه لا يرى أحداً أفضل منه! فجاء فحيّا الملك بتحية، فقال جابر هذه القصيدة. وقد أدخله "بروكلمن" في عداد الشعراء النصارى.

ويذكر انه هو "جابر" المذكور في البيت المنسوب لامرئ القيس، وهو:

فإما تريني في رحالة جـابـر  على حرج كالقر تخفق أكفاني

وكان امرؤ القيس آنذاك مريضاً، فكان "جابر" و"عمرو بن قميئة"، يحملانه على الرحالة، وهي خشبات، وهي الحرج.




منقول من كتاب "المفصل في تاريخ العرب"
تأليف د.جواد علي

هناك تعليقان (2):

  1. احسنت التقل واثريت العقل فكان الابداع في الجزل والحكم في الفصل. تحيتي وامتناني

    ردحذف
  2. كيف يا حمار الاعراب لا يعرفون من دينهم غير الاسم

    ردحذف